مقرات «الحرية والعدالة» تدفع ثمن الغضب من سياسات الرئيس و«الجماعة».. غلق مقرى المنيل وبورسعيد.. والاستعانة بالشرطة لحماية مقرى حلوان وشبرا.. وهدوء فى دار السلام والعاشر
باتت مقرات حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، مهددة فى أى وقت، من قبل المحتجين والغاضبين الذين يعتبرون تلك المقرات رمزا لسيطرة جماعة الإخوان المسلمين على السلطة فى مصر، وسط أنباء تفيد بأن القيادات الوسطى بوزارة الداخلية ترفض تأمين تلك المقرات أثناء المظاهرات والاحتجاجات، حتى لا تدخل فى صدام مباشر مع المتظاهرين، وتضطر إلى استخدام العنف لتفريقهم.
ومنذ اندلاع حوادث حرق مقرات حزب الحرية والعدالة، اختلفت الروايات وراء الفاعل المتسبب فى ذلك، وانحصرت بين أن يكون المتسببون فى حرق المقرات هم بلطجية، تابعين لفلول النظام السابق، وهدفهم قيادة سيناريو الفوضى فى البلاد، أو أنهم متظاهرون محتجون، ومثيرو شغب، هدفهم توصيل رسالة قوية لقيادات الجماعة، وإعادة إنتاج مشهد حرق مقرات الحزب الوطنى خلال أحداث الثورة المصرية، ذلك إضافة إلى الروايات التى تفيد بأن قيادات بالجماعة ساهمت فى حرق المقرات، لدفع الرئيس إلى فرض مزيد من التشريعات والقوانين المقيدة للحريات، وحق التظاهر، وقد بات تأمين المقرات أمرا أساسيا لدى قيادات حزب الحرية والعدالة، خاصة بعد انتشار الاحتجاجات وغياب الأمن عن كثير من المناطق، وتوالى التهديدات بإعادة مسلسل العنف ضد مقرات الحزب، والتى كان آخرها بيان لمجموعة البلاك بلوك التى ناشدت خلاله ملاك العقارات التى توجد بها مقرات حزب الحرية والعدالة بضرورة فسخ العقود الموقعة بينهم وبين الحزب، مهددين بموجة جديدة من الحرائق فى حالة استمرار وجود تلك المقرات بالمناطق المختلفة.
«اليوم السابع» رصدت تأمين عدد من مقرات الحزب فى ست مناطق مختلفة، هى حلوان، والمنيل، ودار السلام، وشبرا، والعاشر من رمضان، إضافة إلى مدينة بورسعيد، وكشف الرصد عن غلق عدد من المقرات، خوفا من تجدد مهاجمتها وحرقها، والاستعانة بالشرطة أو بحراسة خاصة فى مقرات أخرى، فى حين لم تتعرض بعض المقرات لأى من أعمال الشغب، بسبب طبيعة المنطقة، والموقع الذى يقع فيه مقر الحزب.
كان أول المقرات التى تم تجميد العمل بها، خوفا من تجدد الاشتباكات حولها، هو مقر مدينة بورسعيد، حيث قرر مسؤولو حزب الحرية والعدالة تجميد نشاطهم بمقر الحزب بشكل مؤقت، وكذلك مقر جماعة الإخوان المسلمين الذى يقع فى العقار نفسه، بالتزامن مع العصيان المدنى الذى تشهده المدينة، وقد كان المقر تعرض لأعمال الشغب أكثر من مرة، حيث حاصره عدد من المحتجين على سياسة الإخوان، بينما حاولت أطراف أخرى حرقه، وقد عجز الأمن خلال تلك الأحداث عن حماية المقر، وهدد شباب الإخوان بحماية المقر بأنفسهم، فى حالة تكرار الواقعة.
وأكد عرفة أبو سليمة، أمين الإعلام بفرع حزب الحرية والعدالة ببورسعيد، أن هذا لا يعنى توقف نشاط الحزب بالمدينة، فقد تم إخلاء المقر فقط، لضمان سلامة سكان العقار نفسه والعقارات المجاورة، حيث العمارات متلاصقة وقديمة، ويسهل امتداد ألسنة النار إليها، فى حالة اشتعال حريق بالمقر، مضيفا أن مسؤولى الحزب بالمنطقة أيقنوا أن حشد شباب الإخوان أمام المقر للدفاع عنه سيزيد الأمر سوءا.
تكرر الأمر فى مقر الحزب بمنطقة المنيل،حيث تجميد العمل بهذا المقر، بعد أن تعرض للحريق مرتين متتاليتين، ويقع المقر فى شارع منيل الروضة، أحد الشوارع الرئيسية المزدحمة، وهو عبارة عن مبنى مكون من دورين، لا يفصل بين مدخله والبوابة الحديدية سوى ممر صغير، وقد أغلقت البوابة الحديدية بالجنازير، بينما تناثرت بداخله المقاعد، والألواح الخشبية بإهمال، ربما من آثار الحريقين السابقين، ويبدو أن استقلال مبنى الحزب كان أحد الأسباب التى سهلت الهجوم عليه، فقد كانت المقرات التى تشغل الأدوار العليا بالعقارات أقل عرضة لأعمال الشغب.
وأكد سكان المنطقة المحيطة بمقر المنيل، أن المبنى عليه حراسة أمنية منذ إخلائه، ولكن أحدا لا يعرف إن كانت من الشرطة أم حراسة خاصة، حيث يلبس أفرادها ملابس مدنية. الأمر نفسه تم رصده بمقر جريدة الحزب بشارع الملك الصالح، حيث وقف حارس بملابس مدنية أمام العقار، ولم يلحظ وجود أى تواجد أمنى بطول الشارع الهادئ، علما بأن مقر الحزب الرئيسى كان يتواجد بالعقار نفسه، لكن تم نقله منذ عدة أشهر، وفقا لأقوال سكان المنطقة.
وعلق العقيد محمد محفوظ، منسق ائتلاف ضباط الشرطة، قائلا إنه يملك معلومات تؤكد أن هناك عزوفا من قيادات الشرطة عن حماية مقرات حزب الحرية والعدالة، خوفا من الاصطدام مرة أخرى بالمتظاهرين، وقد بدأ الأمر بعد إصدار الرئيس محمد مرسى الإعلان الدستورى، وما صحبه من انتشار دعاوى تطالب بالتظاهر رافضة الإعلان، وقتها عقدت القيادات الأمنية عددا من الاجتماعات، تم خلالها تسريب أنباء تفيد بعزوف القيادات الوسطى بالداخلية وشباب الضباط عن تأمين مقرات حزب الحرية والعدالة، وذلك حتى لا تدخل وزارة الداخلية فى مواجهات مع الشعب مرة أخرى، وتم نقل الأمر إلى أحمد جمال الدين، وزير الداخلية وقتها، والذى أكد أنه لا يملك الضغط على تلك القيادات.
وأضاف العقيد محفوظ أن فشل الوزير فى تنفيذ الأوامر الرئاسية بحماية مقرات حزب الحرية والعدالة أدى إلى إقالته، مضيفا أنه يرى أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين سوف تسعى فى الفترة المقبلة إلى إنشاء ميليشيات شعبية من أفراد الجماعة، عملا بتجربة الحرس الثورى الإيرانى، والتى تم تقنينها بموجب المادة 150 من الدستور الإيرانى، ورغم الحديث عن عزوف قوات الشرطة عن تأمين مقرات حزب الحرية والعدالة، فإن ذلك لم يشمل جميع مقرات الحزب، حيث استمر العمل فى مقر حزب الحرية والعدالة بمنطقة شبرا، مع وجود تأمين مستمر للمقر من قبل قوات الشرطة التابعة لقسم الساحل، وفقا لما ذكره خالد صالح، سكرتير فرع الحزب هناك، والذى أضاف أن الأوضاع حول المقر الآن هادئة، غير أن هناك من يستمر فى تمزيق لافتة الحزب الموجودة أمام المقر، كلما تم تجديدها، مما دعا مسؤولى الحزب بشبرا لإصدار قرار بعدم استبدالها، وتركها على وضعها «للذكرى».
وأكد صالح أن الحزب يسعى إلى عقد جلسات مصالحة بين شباب الإخوان، وعدد من شباب القوى الثورية الأخرى، كنوع من التهدئة، والمصالحة بينهم. يذكر أن مقر الحزب بشبرا كان قد شهد فى وقت سابق اشتباكات بين عدد من المعارضين، وشباب الإخوان، بسبب هتافات تندد بالإخوان، وقد زادت حدة تلك الاشتباكات، وأدت إلى تدخل قوات من الشرطة لفضها، وتشرف قوات الأمن أيضا على تأمين مقر حزب الحرية والعدالة بمنطقة حلوان، بعد أن تعرض الحزب فى وقت سابق لمحاولة حرقه، ولم يتأثر عدد من مقرات حزب الحرية والعدالة بأعمال الشغب السابقة، وذلك بسبب طبيعة المنطقة التى يتواجد بها المقر، وبعدها عن خريطة المسيرات والتظاهرات، كما هو الحال فى مقرى الحزب بمنطقة دار السلام، ومنطقة العاشر من رمضان.
المصدر اليوم السابع
اكتب تعليقك